صيغ السؤال
- هل الأخلاق مطلقة أم نسبية؟
- هل القيم الأخلاقية ثابتة؟
- هل القواعد الأخلاقية مطلقة؟
- هل القيمة الخلقية من حيث طبيعتها مطلقة أم نسبية؟
- هل الأخلاق مطلقة (العقل والدين) أم نسبية (اللذة والمجتمع)؟
تاريخ وروده في البكالوريا
يوحي السؤال بوجود موقفين متناقضين متعارضين، المطلوب مني هو الفصل في القضية و الطريقة المناسبة هي الجدلية
الموقف الأول:
يرى بعض الفلاسفة أن الأخلاق ثابتة أي مطلقة لكونها تقوم على جملة من المبادئ الثابتة ونذكر من هذه المبادئ الدين الذي هو إلزام متعالي وهو الاعتقاد بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة، وأيضا العقل فهو المقياس الذي نحكم به على الأشياء وعلى سلوكنا وعلى القيم جميعا، وقد دافع عن هذا الرأي المعتزلة والأشاعرة في العصر الإسلامي وأفلاطون قديما، وكانط في العصر الحديث اذ تؤكد المعتزلة أن العقل يدرك ما في الأفعال من حسن أو قبح، أي أن بإمكان العقل إدراك قيم الأفعال والتمييز فيها بين ما هو حسن مستحسن وما هو قبيح مستهجن، وذلك حتى قبل مجيئ الشرع، والشرع مجرد مخبر لما يدركه العقل، والدليل على ذلك أن العقلاء في الجاهلية كانوا يستحسنون أفعالا كالصدق والعدل والأمانة والوفاء ويستقبحون أخرى كالكذب والظلم والخيانة والغدر، يقول واصل بن عطاء: "إن الخير والشر ذاتيان في الأفعال" أما الأشاعرة فهم يذهبون إلى القول بأن الأفعال حسنها أو قبحها بالأمر والنهي الإلهي أي ما أمر به الله فهو خير وما نهى عنه فهو شر، أي أن الأوامر الإلهية هي التي تمنح صفة الخير على الأفعال أو تنفيها عنها، – فمثلا – الصدق ليس خيرا لذاته ولا الكذب شرا لذاته، بل لأن الشرع هو من قرر ذلك، والعقل عاجز عن إدراك قيم الأفعال والتمييز بينها وليس له مجال إلا إتباع ما أثبته الشرع يقول أبو الحسن الأشعري: "إن الخير والشر بقضاء الله وقدره"، فالقيم والسلوكات والأفعال الخيرة تدعوا إليها كل الكتب السماوية، ففعل السرقة مثلا منبوذ في كل الديانات في حين أن العدل والاستقامة والفضيلة أفعال مستحبة ومستحسنة في كل الكتب باختلاف زمانها ومكانها، أما عند أفلاطون فهو يرى أن القيم الخلقية مصدرها عالم متعالي هو عالم المثل وان النفس البشرية قبل أن تحل بالجسد كانت تعرف هذه القيم الخلقية ونظرا لكون هذه القيم من مصدر متعال عن العالم الحسي فلا يستطيع العقل استعادتها والتعرف عليها إلا بالتجرد والارتقاء من العالم الحسي الى عالم المثل وفي هذا الشأن يميز أفلاطون بين ثلاثة أنواع من الفضائل والقيم حسب قدرة الإنسان على السمو والارتقاء العقلي فأكبر قيمة خلقية تصلها الطبقة الشهوانية هي فضيلة العفة وارقي قيمة خلقية هي فضيلة الحكمة والتي لا يصلها إلا الحكماء والفلاسفة لذا قال أفلاطون: "إن الخير فوق الوجود شرفا وقوة".
- لم يرد في البكالوريا
يوحي السؤال بوجود موقفين متناقضين متعارضين، المطلوب مني هو الفصل في القضية و الطريقة المناسبة هي الجدلية
طرح المشكلة
من المعروف أن موضوع الأخلاق من أهم القضايا التي خاض فيها الفلاسفة والمفكرون في تاريخ الفلسفة جمعاء، حيث تتمثل الأخلاق في أنها جملة من المبادئ والقواعد التي تحدد ما ينبغي أن يكون عليه السلوك، وتعد مشكلة طبيعة القيمة الخلقية من أقدم المشكلات في الفلسفة وأكثرها إثارة للجدل، إذ تباينت حولها الآراء واختلفت المواقف ومن تلك المواقف الموقف العقلي والديني الذين فسرا أساس القيمة الاخلاقية بإرجاعها الى العقل أو الدين وبالتالي فهي ثابتة ولا تتغير بتغير الزمان والمكان بينما يفسرها موقف نقيض بإرجاعها إلى المنفعة واللذة أو المجتمع وبالتالي فهي متغيرة نسبية، فهل فعلا يمكن القول بأن القيم الأخلاقية مطلقة أم أنها نسبية ؟محاولة حل المشكلة
الموقف الأول:
يرى بعض الفلاسفة أن الأخلاق ثابتة أي مطلقة لكونها تقوم على جملة من المبادئ الثابتة ونذكر من هذه المبادئ الدين الذي هو إلزام متعالي وهو الاعتقاد بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة، وأيضا العقل فهو المقياس الذي نحكم به على الأشياء وعلى سلوكنا وعلى القيم جميعا، وقد دافع عن هذا الرأي المعتزلة والأشاعرة في العصر الإسلامي وأفلاطون قديما، وكانط في العصر الحديث اذ تؤكد المعتزلة أن العقل يدرك ما في الأفعال من حسن أو قبح، أي أن بإمكان العقل إدراك قيم الأفعال والتمييز فيها بين ما هو حسن مستحسن وما هو قبيح مستهجن، وذلك حتى قبل مجيئ الشرع، والشرع مجرد مخبر لما يدركه العقل، والدليل على ذلك أن العقلاء في الجاهلية كانوا يستحسنون أفعالا كالصدق والعدل والأمانة والوفاء ويستقبحون أخرى كالكذب والظلم والخيانة والغدر، يقول واصل بن عطاء: "إن الخير والشر ذاتيان في الأفعال" أما الأشاعرة فهم يذهبون إلى القول بأن الأفعال حسنها أو قبحها بالأمر والنهي الإلهي أي ما أمر به الله فهو خير وما نهى عنه فهو شر، أي أن الأوامر الإلهية هي التي تمنح صفة الخير على الأفعال أو تنفيها عنها، – فمثلا – الصدق ليس خيرا لذاته ولا الكذب شرا لذاته، بل لأن الشرع هو من قرر ذلك، والعقل عاجز عن إدراك قيم الأفعال والتمييز بينها وليس له مجال إلا إتباع ما أثبته الشرع يقول أبو الحسن الأشعري: "إن الخير والشر بقضاء الله وقدره"، فالقيم والسلوكات والأفعال الخيرة تدعوا إليها كل الكتب السماوية، ففعل السرقة مثلا منبوذ في كل الديانات في حين أن العدل والاستقامة والفضيلة أفعال مستحبة ومستحسنة في كل الكتب باختلاف زمانها ومكانها، أما عند أفلاطون فهو يرى أن القيم الخلقية مصدرها عالم متعالي هو عالم المثل وان النفس البشرية قبل أن تحل بالجسد كانت تعرف هذه القيم الخلقية ونظرا لكون هذه القيم من مصدر متعال عن العالم الحسي فلا يستطيع العقل استعادتها والتعرف عليها إلا بالتجرد والارتقاء من العالم الحسي الى عالم المثل وفي هذا الشأن يميز أفلاطون بين ثلاثة أنواع من الفضائل والقيم حسب قدرة الإنسان على السمو والارتقاء العقلي فأكبر قيمة خلقية تصلها الطبقة الشهوانية هي فضيلة العفة وارقي قيمة خلقية هي فضيلة الحكمة والتي لا يصلها إلا الحكماء والفلاسفة لذا قال أفلاطون: "إن الخير فوق الوجود شرفا وقوة".
أما عند كانط فالعقل هو الوسيلة التي يميز به الإنسان بين الخير والشر، وهو المشرع لمختلف القوانين والقواعد الأخلاقية، معتبراً أن الإرادة الخيرة القائمة على أساس الواجب هي الركيزة الأساسية للفعل، لأن الإنسان بعقله ينجز نوعين من الأوامر: أوامر شرطية مقيدة مثل: كن صادقا ليحبك (الناس)، وأوامر قطعية مطلقة مثال : (كن صادقا)، فالأوامر الأولى ليس لها أي قيمة أخلاقية حقيقية، فهي تحقق أخلاق ،منفعة، وتتخذ الأخلاق لا كغاية في ذاتها، وإنما كوسيلة لتحقيق غاية، أما الأوامر الثانية فهي أساس الأخلاق، لأنها لا تهدف إلى تحقيق أي غاية أو منفعة، بل تسعى إلى انجاز الواجب الأخلاقي على انه واجب فقط بصرف النظر عن النتائج التي تحصل منه لذلك يقول: "إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص، وكأنما هو قد هبط من السماء"، فالأخلاق واحدة نظرا لمطلقية العقل ولأن الأخلاق تحمل الفضيلة بصفة ذاتية، وهذا لا يعني أن الخير لا وجود له وإنما يعني وجوده أسمى كحقيقة مثالية من الوجود الواقعي وأن القوى العاقلة هي قمة الفضيلة.
النقد:
نحن لا ننكر منطقية كل هذه الأدلة ولكن العقل أولا قاصر وأحكامه متناقضة، فما يحكم عليه بأنه خير الآن يحكم عليه بعد ذاك بأنه شر، وإذا كان العقل قسمة مشتركة بين الناس فلماذا تختلف القيم الأخلاقية بينهم إذن؟ كما أن الأخلاق عند كانط هي أخلاق متعالية مثالية لا يمكن تجسيدها على ارض الواقع، وبالنسبة للنزعة الدينية فإنها قد أهملت العقل وقللت من شأنه وأهملت حتى دور الطبيعة البشرية، أما أفلاطون فأخلاقه بعيدة عن الواقع.
النقد:
نحن لا ننكر منطقية كل هذه الأدلة ولكن العقل أولا قاصر وأحكامه متناقضة، فما يحكم عليه بأنه خير الآن يحكم عليه بعد ذاك بأنه شر، وإذا كان العقل قسمة مشتركة بين الناس فلماذا تختلف القيم الأخلاقية بينهم إذن؟ كما أن الأخلاق عند كانط هي أخلاق متعالية مثالية لا يمكن تجسيدها على ارض الواقع، وبالنسبة للنزعة الدينية فإنها قد أهملت العقل وقللت من شأنه وأهملت حتى دور الطبيعة البشرية، أما أفلاطون فأخلاقه بعيدة عن الواقع.
الموقف الثاني:
وخلافا لما سبق، يرى البعض الآخر أن الأخلاق ليست مطلقة وان العقل والدين ليسا هما الأساس للقيم الأخلاقية، باعتبار أن القيمة الخلقية للأفعال الإنسانية متوقفة على نتائجها وآثارها الايجابية أي ما تحصله من لذة ومنفعة وما تتجنبه من ألم ومضرة، وقد تتوقف القيم الأخلاقية على ما هو سائد في المجتمع من عادات وتقاليد وأعراف ،وقوانين فتكون بذلك الأخلاق انعكاسا لهذه الأطر الاجتماعية وما يثبت ذلك، أن القيم الأخلاقية ما هي إلا مسألة حسابية لنتائج الفعل، وهذه النتائج لا تخرج عن نطاق تحصيل اللذات والمنافع فما يحفز الإنسان إلى الفعل هو دائما رغبته في تحصيل لذة أو منفعة لأن ذلك يتوافق مع الطبيعة الإنسانية فالإنسان بطبعة يميل إلى اللذة والمنفعة ويتجنب الألم والضرر ، فاللذة والمنفعة هما غاية الإنسان ومقياس أي عمل أخلاقي وهما الخير الأسمى وأما الألم والضرر فهما الشر الأقصى. لهذا نجد أبيقور يقرر ذلك بقوله: " اللذة هي الخير والشر هو الألم وما القيود إلا من صنع العرف".
وخلافا لما سبق، يرى البعض الآخر أن الأخلاق ليست مطلقة وان العقل والدين ليسا هما الأساس للقيم الأخلاقية، باعتبار أن القيمة الخلقية للأفعال الإنسانية متوقفة على نتائجها وآثارها الايجابية أي ما تحصله من لذة ومنفعة وما تتجنبه من ألم ومضرة، وقد تتوقف القيم الأخلاقية على ما هو سائد في المجتمع من عادات وتقاليد وأعراف ،وقوانين فتكون بذلك الأخلاق انعكاسا لهذه الأطر الاجتماعية وما يثبت ذلك، أن القيم الأخلاقية ما هي إلا مسألة حسابية لنتائج الفعل، وهذه النتائج لا تخرج عن نطاق تحصيل اللذات والمنافع فما يحفز الإنسان إلى الفعل هو دائما رغبته في تحصيل لذة أو منفعة لأن ذلك يتوافق مع الطبيعة الإنسانية فالإنسان بطبعة يميل إلى اللذة والمنفعة ويتجنب الألم والضرر ، فاللذة والمنفعة هما غاية الإنسان ومقياس أي عمل أخلاقي وهما الخير الأسمى وأما الألم والضرر فهما الشر الأقصى. لهذا نجد أبيقور يقرر ذلك بقوله: " اللذة هي الخير والشر هو الألم وما القيود إلا من صنع العرف".
ومن ناحية أخرى، فإن القيم الأخلاقية سببها المجتمع، أي أن معيار تقويم الأفعال وحكمنا عليها أساسه المجتمع، فمثلا الطفل حينما يولد لا تكون لديه فكرة عن الخير أو الشر، فينشأ في مجتمع يتعهده بالتربية - يجد فيه الناس تستحسن أفعالا وتستقبح أخرى، فيأخذ هذا المقياس عنهم، فيستحسن ما يستحسنه الناس ويستقبح ما يستقبحونه فإن هو استقبح مثلا الجريمة فلأن المجتمع كله يستقبحها، ومن ثمّ يدرك أن كل ما يوافق قواعد السلوك الاجتماعي فهو خير وكل ما يخالفها فهو شر الأمر الذي جعل دوركايم يقول: "إذا تكلم ضميرنا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا"، وكذلك يقول "إن المجتمع هو النموذج والمصدر لكل سلطة أخلاقية" وبالتالي فالأخلاق نسبية ونسبيتها تعود إلى مبدأ اللذة من جهة والمجتمع من جهة أخرى.
النقد:
لا يمكن إنكار قاعدة أن الإنسان يسعى وراء لذته ومنافعه ولكن المنافع متعارضة فما ينفعني أنا قد لا ينفع غيري بالضرورة، وأيضا ربط الأخلاق باللذة والمنفعة يحط من قيمة الأخلاق والإنسان معاً، فتصبح الأخلاق مجرد وسيلة لتحقيق غايات كما يصبح الإنسان في مستوى واحد مع الحيوان، ثم إن المدرسة الاجتماعية تبالغ كثيرا في تقدير المجتمع والإعلاء من شأنه وفي المقابل تقلل أو تعدم أهمية الفرد ودوره في صنع الأخلاق، والتاريخ يثبت أن أفرادا كالأنبياء مثلا كانوا مصدرا لقيم أخلاقية
النقد:
لا يمكن إنكار قاعدة أن الإنسان يسعى وراء لذته ومنافعه ولكن المنافع متعارضة فما ينفعني أنا قد لا ينفع غيري بالضرورة، وأيضا ربط الأخلاق باللذة والمنفعة يحط من قيمة الأخلاق والإنسان معاً، فتصبح الأخلاق مجرد وسيلة لتحقيق غايات كما يصبح الإنسان في مستوى واحد مع الحيوان، ثم إن المدرسة الاجتماعية تبالغ كثيرا في تقدير المجتمع والإعلاء من شأنه وفي المقابل تقلل أو تعدم أهمية الفرد ودوره في صنع الأخلاق، والتاريخ يثبت أن أفرادا كالأنبياء مثلا كانوا مصدرا لقيم أخلاقية