مقالة فلسفية بطريقة الجدلية حول الدال و المدلول

 السلام عليكم متابعي وزوار موقع بكالوريا الجزائر التعليمي، أعزاءي طلبة السنة الثالثة ثانوي ، اليوم بحول الله سنقدم لكم مقالة الإحساس والإدراك بطريقة الجدلية


مقالة فلسفية بطريقة الجدلية حول الدال و المدلول

صيغ السؤال
  • هل العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية أم اعتباطية؟
  • هل العلاقة بين الدال والمدلول طبيعية؟
  • هل العلاقة بين الألفاظ والأشياء اتفاقية؟
  • هل وضع الأسماء يعتمد على الاتفاق أم على محاكاة الطبيعة؟ 
  • هل علاقة الدال بالمدلول ضرورية أم اعتباطية؟ 
تاريخ وروده في البكالوريا
  • بكالوريا 2014 
فهم السؤال
يوحي السؤال بوجود موقفين متناقضين متعارضين المطلوب مني هو الفصل في القضية و الطريقة المناسبة هي الجدلية.

طرح المشكلة

يعتبر الإنسان كائنا اجتماعيا بطبعه فهو يؤثر ويتأثر بمن حوله وهذا لا يكون إلا باللغة التي هي من الصفات الملازمة والضرورية للإنسان، بل إنها تمثل ماهية الإنسان وحقيقته وبفضلها يتواصل مع العالم الخارجي ويحقق حاجياته الضرورية، لهذا فهي تراث اجتماعي وثقافي يتغير عبر التاريخ وبما أن اللغة مجموعة من الإشارات والرموز التي تستخدم كوسيلة للتواصل والشائع أننا غالبا ما نستعمل لغة الألفاظ والكلمات، للتعبير عن الأشياء والمعاني والأمر الذي حرك الدراسات في مجال علم اللغة هو طبيعة العلاقة بينهما أي بين اللفظ ومعناه بمعنى "الدال والمدلول" فالدال هو الكلمة أو الصورة السمعية، أما المدلول فهو المعنى أو الصورة الذهنية، إذ ذهب البعض مثل أصحاب الموقف التقليدي إلى القول بأن العلاقة بين اللفظ علاقة طبيعية ضرورية، بينما يؤكد أنصار نظرية التواضع والاصطلاح أن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني ترجع إلى المواضعة والاتفاق عليها وهي اعتباطية، إذن هل العلاقة بين اللفظ ومعناه هي رابطة ضرورية منبعها محاكاة الطبيعة؟ أم أنها اصطلاحية توافقية؟

محاولة حل المشكلة

الموقف الأول:

يرى بعض العلماء والفلاسفة أن هناك علاقة تطابق بين الكلمات ومعانيها إذ يكفي سماع الكلمة لمعرفة معناها، إذ أن هنالك ترابطا وثيقا ومحكما بين الكلمة ومعناها وهذا الترابط ليس خيارا أو مجازا بل هو ضروري، إذ يؤكد أفلاطون أن العلاقة بين اللفظ ومعناه ضرورية تحاكي فيها الكلمات أصوات الطبيعة أي أن علاقة الكلمة بالشيء علاقة طبيعية والكلمات هي أدوات تسمى بها الأشياء فبمجرد سماع الكلمة نعرف معناها ودلالتها فكلمة زقزقة مثلا تشير بالضرورة إلى صوت العصفور، وكلمة مواء تشير بالضرورة إلى صوت القط، ونفس الشأن مع كلمات أخرى ك نهيق ...... نقيق ...... حفيف ... خرير ......... الخ، لذا يقول أفلاطون: "إن الطبيعة هي التي أضفت على الأسماء معنى خاصا"، ويقول أيضا : "يوجد بالطبيعة اسم صحيح لكل كائن في الحياة، إذ الكلمة ليست تسمية يطلقها البعض على الشيء بالتواطؤ، لكن ثمة بالطبيعة لليونانيين والبرابرة طريقة صحيحة للتدليل على الأشياء هي ذاتها عند جميع الناسويؤكد بعض علماء اللغة أن بعض الحروف لها معان فطرية خاصة، حيث يوحي لك إيقاع الصوت وجرس الكلمة بمعنى خاص، فحرف(ح) مثلا يدل على معاني الانبساط والراحة مثال ،حب ،حنان حنين حياة.... وحرف (غ) مثلا يدل على معاني الظلمة والحزن والاختفاء، كما في غيم ،غم غدر ،غبن ،غرق غاص... ولو تأملنا قصائد الغزل كما يقول بعض علماء اللغة لوجدنا أنها لا تلائم في قافيتها حرف القاف نظرا لغلظة هذا الحرف وخشونته، لذلك يستحسن في القصائد أن تكون القافية (س) أو(ح) نظرا لرقتها ويؤكد أيميل بنفست أن اللفظ دائما يطابق ما يدل عليه في العالم الخارجي وأساس هذه المطابقة محاكاة الإنسان لأصوات الطبيعة يقول بينفنست: "أحد مكونات العلامة اللسانية هي الصورة الصوتية ويشكل الدال والأخر هو الصورة الذهنية ويشكل المدلول إن العلاقة والمدلول لیست اعتباطية بل هي على عكس ذلك ضرورية".

النقد:

لو كانت اللغة محاكاة للطبيعة فكيف نفسر تعدد اللغات ما دمنا نعيش في طبيعة واحدة؟ بل كيف نفسر تعدد الألفاظ للمعنى الواحد مثال مريض، سقيم عليل، فاللغة إبداع إنساني وليست مجرد تقليد، وبالتالي رأي أفلاطون لا يمكن الأخذ به والقياس عليه لأن عدد الكلمات المستوحاة من الطبيعة قليل جدا مقارنة بالكلمات القائمة على الاصطلاح والتوافق وبالتالي فهي حالات لا يقاس عليها

الموقف الثاني: 

يرى أنصار الاتجاه الاعتباطي أن العلاقة بين الدال والمدلول تعسفية اصطلاحية وهي من صنع الإنسان بمعنى أنه ليس هنالك ترابط وثيق يجمع بين الدال والمدلول ومنه فالعلاقة بين الدال والمدلول علاقة اعتباطية، تعسفية اصطلاحية والكلمات لا تحمل أي معنى في ذاتها، لأنها تمت نتيجة الاتفاق والتواضع بين أفراد المجتمع فقط ويؤكد أرنست كاسيرر هذا بقوله: "إن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني لم توضع لتشير إلى أشياء بذاتها بل على معان مجردةويدل على ذلك أن الألفاظ وضعت لتدل على معان مجردة وأفكار لا يمكن إيجادها في الواقع المادي، بل إن الكلمة أو الرمز أو الإشارة لا تحمل في ذاتها أي معنى أو مضمون إلا إذا اتفق عليه أفراد المجتمع، فالإنسان هو من وضع الألفاظ قصد التعبير والتواصل، فمثلا يمكن أن نعبر عن المعنى الواحد بلغات مختلفة وبتتابع أصوات أخرى فمثلا كلمة "تلميذ lélève-student-" تبين اختلاف الأصوات من لغة إلى أخرى بل انه تم اقتراحها دون مبرر وهذا يعني انه لا علاقة ضرورية بين الدال والمدلول حيث يقول جون بياجيه "إن تعدد اللغات نفسه يؤكد بديهيا الميزة الاصطلاحية للإشارة اللفظية" ويقول كاسيرر "بقدر ما يتقدم النشاط الرمزي بقدر ما يتراجع الواقع المادي" أي أن ما يبتكره الإنسان من ألفاظ ورموز لا علاقة له بالطبيعة أو بالواقع المادي وأن العلاقة الموجودة بين الدال والمدلول هي علاقة اعتباطية عرضية، كذلك أن الدلالة اللسانية تجمع بين الشيء واللفظ تحكميا أي بين الدال والمدلول اعتباطيا فاللغة إذن هي تعبير عن الواقع كما يدركه الفكر وهو نفس ما قصده عالم اللسانيات السويسري دوسوسير حينما قال: "إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية" وأيضا كثيرا ما نجد الكلمة الواحدة تحمل دلالات مختلفة، فأين الضرورة إذن بين اللفظ والمعنى؟ فالفعل ضرب مثلا له ثلاث دلالات فإذا قلنا: ضرب إسماعيل في الأرض، معنى هذا: أنه سافر، وإذا قلنا ضرب إسماعيل مثالا معنى هذا أنه قدم مثالا وإذا قلنا: ضرب الأب ابنه العاق، معناه: عاقبه بالضرب، وعليه نجد اللفظ الواحد له عدة معان فلو كانت الطبيعة هي التي تفرض نفسها في وضع الأسماء لكانت لغة البشر واحدة بل الواقع يثبت العكس يقول دولاكروا : "اللغة هي جملة من الاصطلاحات تتبناها هيئة اجتماعية ما تنظم بواسطتها عملية التخاطب بين أفرادها" ويقول أيضا: "إن الجماعة هي التي تعطي للإشارة اللغوية دلالتها وفي هذه الدلالة يلتقي الأفراد" أي أن اللغة مجرد إبداع إنساني والأسماء اختراع بشري.

النقد:

يبدو في هذا الطرح نوع من الموضوعية، فكلمة حرية عدالة مثلا ليس لها ما يطابقها في الواقع المادي لذا وجب اللجوء إلى الاتفاق والاصطلاح لكن هذا لا ينفي وجود البعض من الرموز والألفاظ التي تحاكي الطبيعة فالقول بالعلاقة الاعتباطية لا تعني أن الإنسان له مطلق الحرية في وضع العلامات والإشارات واستعمالها حسب هواه، بل يجب عليه التقيد بالاستعمال الاجتماعي، كما أن الواقع أيضا يؤكد وجود تناسب طبيعي بين - الأشياء والأسماء في بعض الأحيان.

التركيب:

يمكن القول مما سبق أن العلاقة التي تربط الدال بالمدلول كانت ضرورية لان الإنسان كان يقلد الطبيعة ولكنها انتهت اعتباطية وأصبحت اللغة من بناء المجتمع أي أن العلاقة التي تربط بين الدال والمدلول تعسفية تحكمية وأنه يمكن القول بعدم وجود ضرورة بين الإشارة اللفظية والمشار إليه، بمعنى انه لا توجد علاقة ضرورية بين الأسماء والمسميات فمثلا ما ندعوه قلما كان بالإمكان أن ندعوه كرسي أو أن العلاقة بين الدال والمدلول هي علاقة شيء آخر لهذا فالرأي الذي يبدو لي صحيحا في هذه المسألة هو اعتباطية غير ضرورية ترجع إلى مجرد الاتفاق والمواضعة، حيث يقول ابن جني: "إن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة ... كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء والمعلومات فيضعوا لكل واحد منها سمة "رمزا و لفظا" وهذا هو سر إبداع اللغة.

حل المشكلة

عصارة القول إن العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية من حيث الممارسة فقط واعتباطية من حيث المبدأ لأن الدراسات في مجال علم اللغة تؤكد أن الطبيعة عاجزة أن تستوعب كل الألفاظ  لذا كان لابد من التوافق والاصطلاح يقول بياجيه: "إن الرمز عبارة عن اصطلاح صريح أو ضمني يرجع سببه للاستعمال".

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-